أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - عدت مبتسما














المزيد.....

عدت مبتسما


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3778 - 2012 / 7 / 4 - 17:38
المحور: حقوق الانسان
    


فعلا كما قال كل الأصدقاء:مستحيل أن تعتزل...اعتزلتُ مدة كافية لأراجع فيها نفسي وقد عُدت مبتسما لأكتب في كل شيء ما عدى الدين نفسه لأنني اقتنعت بأن الدين لله والوطن للجميع وعدتُ لأبدو مبتسم الوجه والعينين ومتورد الخدين للناس حتى وإن بلغ بي الحزن مبلغا كبيرا وعظيما وحتى وإن ضربتني العواصف الرملية وعصرتني الأعاصيرومن المستحيل أن يراني الذين يعرفونني عابس الوجه ولفمي بوز ومقدمة مثل مقدمة سيارة(الشفر ليت),وأغلب الذين يعرفوني يقولون لي: أنت إنسان ضحوك جدا ومبسوطة في حياتك ونتمنى لو يعطينا اللهُ بعض ما عندكم من رخاء وسعادة وراحة بال وهدوء أعصاب غير أنني أكبت كل شيء في داخلي,ويحسدني القريب والبعيد على حياتي اليومية التي تخلو من النكد والمشاكل والسر في ذلك طبعا أنني قنوع جدا بحياتي ولا أتطلع لأكون مثل مستوى فلان أو فلانة وهذا كله لا يعني أنني لا أتألم والفرق بيني وبين غيري هو أنني أبتسم أكثر كلما تألمت أكثر وكلما جزعتُ من الحياة كلما أتكئ على جانبي لأبكي وحدي دون أن يراني أحد ومن هذا المنطلق أنا حريص على أن لا يشاهد المشاهدون دموعي بقدر ما أنا حريص على أن يشاهد الناس ابتساماتي التي أقوم بتوزيعها طوال الليل والنهار,وشر البلية ما يضحك فابتسامتي لا تعني لي أنني راضٍ جدا عن حياتي أو أنني سعيد بالناس الذين أبتسم في وجوههم,والغالبية العظمى يرونني على عكس ذلك فهم يرونني بأنني سعيد وغير ممل ولا أعاني ولا من أي أزمة سياسية أو اقتصادية أو ثقافية علماً أن كل حياتي غير مليئة بالرتوش الزائدة ذلك أن الرتوش الزائدة مهمة جدا لكي تستمر الدورة اليومية للحياة كما تستمر دورة التنفس في الطبيعة وحياتي مملة نوعا ما ويكاد الروتين أن يقضي على جزء كبير من مخيلتي التي تلهمني للكتابة وللقراءة ولسماع الأغاني الطربية.

ابتسامتي لا تعني أنني مبسوط جدا فأنا أخفي خلف ابتسامتي كثيرا من آرائي ولست كالتماسيح التي تخفي خلف دموعها فكاً مفترسا فأنا إنسان مقهور جدا وكل شيء يؤلمني والذي يجعلني ثابتاً على الأرض هي أوهامي التي أعيش فيها فأنا عند الغضب أُحاول أن أتخيل نفسي بأنني سعيد جدا فأكسر الألم بجرعة صغيرة من ابتسامة شفافة تظهر على أطراف فمي دون أن أظهر أسناني للناس وأحيانا أتعالى جدا بصوت الابتسامة التي تهتز منها ألواح الزجاج من على شبابيك بيتي وتصل صرخة الابتسامة والقهقهة إلى حد الشارع العام وكأنني أريد أن أقول للناس بأنني أصرخ من شدة الألم وبقدر ما أتألم وأحزن بقدر ما تعلو ابتسامتي وأحيانا لا أستطيع أن أخفي ألمي وتقرحاته في قلبي وصدري فأجهش بالبكاء شريطة أن أكون في غرفتي وحدي ليس معي فيها لا قريب ولا بعيد وبالمناسبة أنا لا يشاركني أحد غرفة نومي ولا حتى زوجتي فأنا أنام منفردا وحدي وأغلق الباب على نفسي وكأنني في حبس انفرادي,فلا أطيق أن ينام إلى جواري أحد ولا أحب أن يراني أحبابي باكيا وخصوصا الأولاد فأنا حريص كل الحرص على أن لا يرى أولادي من وجهي إلا الوجه المبتسم دائما حتى للحيوانات الصغيرة.

والذي يجعلني أبتسم طوال الوقت هو أنني شخصية مكابرة جدا فأنا لا أعترف بأنني حزين أو شريد أو متسكع أو متصعلك,ولا أعترف للجيران بأنني طفران وبحاجة ماسة للعمل لذلك في بعض الأيام يحاول الجيران أن يستدينوا مني بعض النقود فأعتذر لهم بطريقة مؤدبة فينغضون رؤوسهم وهم يقولون: هاتِ من تحت البلاطه,والسبب في ذلك أنني أبدو سعيد وغير محتاج مما يجعل الناس متهيئين بأنني أنام على كنزٍ تحت وسادتي أو تحت بلاطة من بلاط غرفة نومي.


عُدتُ وابتسامتي ليست من النوع الشفاف الذي تمارسه الحكومة وليست من النوع الشرير فأنا لا أضحك كشرير ولكنني أضحك كإنسان مليء بالهموم وبالمشاكل وأحاولُ أن أُضيف على حياتي مسحة من السعادة لكي أتخيل نفسي أنني أسعدُ إنسان في العالم ووجهي لا تغيب عنه تقاسيم الابتسامة كما لا يمكن أن تغيب أشعة الشمس عن وجه الكرة الأرضية حتى وأنا في أشد الظروف قسوة أبدو ساطعا مثل شعاعها.

وحين يشتد النقاش بين مجموعة من أفراد العائلة أقف صامتا دون أن أنبس ببنت شفا وهذا لا يعني أنني عاجز عن الكلام وعن الجدل ولا يعني سكوتي أنني إنسان ضعيف,حتى أخطائي لا تعني أنني جاهل,وغيابي عن الساحة لا يعني أنني غير موجود فغيابي مثل غياب القمر يغيب لفترة زمنية من جهة ليعاود الخروج من جهةٍ أخرى, أنا إنسان غريب جدا وأنا إنسان ضعيف جدا والكل يبرز عضلاته من أجل إذلالي ومن أجل التحكم بي وأنا أُمثل شريحة كبيرة من الناس الضعفاء الذين يبتسمون للألم ويسكتون عن الكلام حين يكون الكلام ضروريا,ورأسي دائما محنيٌ مع رقبتي للأسفل,وحين توصد في وجهي كل الأبواب وحين يتخلى عني الأصدقاء من المستحيل أن أتخلى عن أي أحدٍ منهم وأعتبر أي محنة أمر بها ما هي في الواقع إلا اختبارا صعبا أو سهلا وبسيطا وأقول: ليختبرني كل الناس وليختبرني العالم والجاهل والساكت عن الغلط فأنا مستعد لكل الاحتمالات ولا شيء يزعزعني أو يغير من أسلوب تفكيري,ودائما أتخيل نفسي بأنني فأر المختبر إن صح التعبير فكل الأصدقاء يُجرون تجاربهم العلمية على ردود أفعالي حتى أعدائي يجرون تجاربهم على ابتسامتي التي تضحك حتى للأحجار وللجدران وللصخور,والذي يريد أن يتعلم أكثر فهذا قلبي وبيتي مفتوحان للجميع وعلى استعداد تام لأكون فأر المختبر.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقال الاعتزال
- الثقافة والبراءة
- شرب القهوة
- كن عربي الدين عيسوي الأخلاق
- ما معنى كلمة دير وكَفر؟
- اللهجه العاميه جميله
- اللغة العربية يرحمها الله
- احذروا الإسلام
- التضحية بالابن الوحيد
- أرض الخطاة
- حول مسيلمة وفاطمة وخالد
- كلمات يؤمنون بها ولا يعملون بها
- حول خالد بن الوليد
- الملائكة الجميلة لا تحارب
- ارحموني
- صلوا وسلموا على هذه الشخصيات
- لغتنا العربية فقيرة الكلمات
- كلمات يجب أن ننساها
- معركة الحديقة
- أنا أكذب وأضحك على نفسي


المزيد.....




- إصلاح قانون شنغن: حد من حرية التنقل أم -تقنين- لصد المهاجرين ...
- الجزيرة ترد على قرار إغلاق مكاتبها بإسرائيل: فعل إجرامي يعتد ...
- داخلية السعودية تعلن إعدام اللحياني قصاصا.. وتوضح كيف قتل ال ...
- هنية يصدر بيانا هاما حول مفاوضات تبادل الأسرى في القاهرة
- اعتقالات وإزالة خيام اعتصام.. ماذا حدث في جامعات أميركية خلا ...
- إسماعيل هنية: نحرص على التوصل لاتفاق ينهي العدوان ويضمن الان ...
- أزمة المهاجرين في تونس.. كرة النار المتبادلة بين ضفتي المتوس ...
- جدعون ليفي: يجب اعتقال قادة إسرائيل بسبب جرائم الحرب في غزة ...
- شاهد: المجاعة تخيّم على غزة رغم عودة مخابز للعمل.. وانتظار ل ...
- اتهام إسرائيل باقتراف -جرائم طبية- وتنكيل وتعذيب بمستشفى سجن ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - عدت مبتسما